“وقالَتِ الحُكَماءُ: إنَّما شبه تَعالى الدُّنْيا بِالماءِ لِأنَّ الماءَ لا يَسْتَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، كَذَلِكَ الدُّنْي الا تَبْقى عَلى واحِدٍ، ولِأنَّ الماءَ لا يَسْتَقِيمُ عَلى حالَةٍ واحِدَةٍ كَذَلِكَ الدُّنْيا، ولِأنَّ الماءَ لا يَبْقى ويَذْهَبُ كَذَلِكَ الدُّنْيا تَفْنى، ولِأنَّ الماءَ لا يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَدْخُلَهُ ولا يَبْتَلَّ كَذَلِكَ الدُّنْيا لا يَسْلَمُ أحَدٌ دَخَلَها مِن فِتْنَتِها وآفَتِها، ولِأنَّ الماءَ إذا كانَ بِقَدْرٍ كانَ نافِعًا مُنْبِتًا، وإذا جاوَزَ المِقْدارَ كانَ ضارًّا مُهْلِكًا، وكَذَلِكَ الدُّنْيا الكَفافُ مِنها يَنْفَعُ وفُضُولُها يَضُرُّ.”
تفسير القرطبي