السؤال:
إذا أجهضت المرأة حملها في الشهر الأول أو الثاني، فهل الدم النازل عليها دم نفاس؟
الجواب:
لا يخلو الأمر من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون قبلَ مُضي أربعينَ يومًا من حمْلها ، فالدمُ النازلُ عليها دمُ فسادٍ وليس بدمِ نفاسِ، وعلى هذا اتفقت المذاهب الأربعة.
الحالة الثانية: أن يكون قد تخلَّق وتشكَّل، فالفقهاء على أن الدمَ النازلَ دمُ نفاسٍ، وحكى ابن المنذر الإجماع على ذلك.
الحالة الثالثة: أن يكون بعد الأربعين وقبل أن يتخلَّق، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: إذا كانت علقةً أو مضغةً غيرَ مخلَّقٍة فالدم ليس بدمِ نفاس وهو قول الحنفية والحنابلة.
القول الثاني: إذا أسقطت المرأة حملَها وهو علقةً فهو دم نفاسٍ وهو قول المالكية والشافعية.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في [المجموع 2/ 532]:” قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ النِّفَاسِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ كَامِلَ الْخِلْقَةِ وَلَا حَيًّا بَلْ لَوْ وَضَعَتْ مَيِّتًا أَوْ لَحْمًا تَصَوَّرَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ أَوْ لَمْ يَتَصَوَّرْ وَقَالَ الْقَوَابِلُ إنَّهُ لَحْمُ آدَمِيٍّ ثَبَتَ حُكْمُ النِّفَاسِ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ.”.
والقول الثاني هو الصحيح -والله تعالى أعلم-؛ لدلالة الخطاب العام الذي علق الأمر في أكثر من موضع على وضع الحمل قال تعالى:” وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ..” ولم يُشترط طورٌ معينٌ ولا وقتٌ محددٌ، ولدلالة اللغة في معنى النفاس حتى قيل: إنه مشتق من تنفس الرحم.
وممن صرح بهذا الإطلاق سيدنا الحسن البصري قدس الله تعالى سره: كما نقله عنه الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله فإنه قال:” إذا علم أنها حامل انقضت به العدة” [المغني 8/ 120] فعلق الأمر -رضي الله عنه- على العلم بالحمل دون قيد أو شرط.
إضافة إلى أنه مع تقدم الطب اليوم فقد قرر الأطباء أن الحمل يتبين عن سواه في مراحله الأولى سواء عن طريق التحاليل أو الأشعة أو نحو ذلك.
وبهذا يتبين أن الدم النازل على المرأة التي تسقط حملها سواء كان علقة أو مضغة هو دم نفاس تمتنع وقت نزوله من الصلاة والصيام ويتعلق بها ما يتعلق بالنفاس من أحكام على الصحيح من قولي أهل العلم والله تعالى أعلم.