السؤال:
ما معنى حديث:”خلق الله آدم على صورته..” ؟
الجواب:
هذا الحديث لا يدل على وجود اشتراك حقيقي بين الخالق والمخلوق، كما لا يدل على وصف الله تعالى بالصورة؛ إذ الاشتراك الحقيقي في الذات أو الصفات يوجب الاشتراك بالحكم الوجودي بأن يكون الخالق مخلوقا أو العكس، والصورة من صفات المخلوقات والله تعالى منزَّه عنها.
وأما الحديث! فيتبيَّن لك معناه جليا حين تقرأه كاملا وتعرف مناسبته؛ فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً: (( إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته )) [رواه مسلم برقم: 2612]، أي: لا يضربه على وجهه تعظيماً لسيدنا آدم عليه السلام الذي خُلق على صورته.
وقال الإمام السيوطي رحمه الله:” .. أحسن ما قيل في تأويله: إن الإضافة للتشريف كناقة الله، وبيت الله، أي: الصورة التي اختارها لآدم” أ.ه [شرح مسلم للسيوطي : 5/539].
فالضمير في قوله: (( صورته )) لسيدنا آدم عليه السلام، ومن ثم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى تعقيبا على الحديث:” وقد رواه عبد الرزاق عن معمر فقال: (( خلق الله آدم على صورته: وطوله ستون ذراعاً )) .. وهذه الرواية تؤيد قول من قال: أن الضمير لآدم.
والمعنى: أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها ( لم ينتقل في النشأة أحوالا ولا تردد في الأرحام أطوارا كذريته )، بل خلقه الله رجلا كاملا سويا من أول ما نفخ فيه الروح، ثم عقب ذلك بقوله: (( وطوله ستون ذراعا ))، فعاد الضمير أيضا على آدم ” [الفتح 6/366].
واعلم أن أهل السنة رضي الله تعالى عنهم قد أجمعوا على استحالة الصورة على الله عز وجل؛ قال الإمام عبد القاهر البغدادي:” واجمعوا على إحالة وصفه بالصورة والأعضاء “. [الفرق بين الفرق:320]
ومن ثم لا يستقيم القول بأن الضمير لله تعالى! إلا أن يكون على ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في موضع آخر بقوله:” وقيل: الضمير لله! وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه (( على صورة الرحمن ))!! والمراد بالصورة: الصفة، والمعنى: أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء” [الفتح 11/3]. أي خلقه على صفته معنى لا وجوداً.
علماً أن الإمام النووي رحمه الله قال عن هذه الطريق:” ورواه بعضهم (( إن الله خلق آدم على صورة الرحمن )) وليس بثابت عند أهل الحديث ” أ.ه ).
ذِكْرُ الحديث بتمامه السابق للموضع الذي استدل به المشبهة واللاحق يُظهر المقصود تماماً والحديث من أولِه: عن سيدنا أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعاً .. ).
فائدة:
يظهر أن المراد الوجه فقد خلق الله آدم على صورةٍ ينبغي أن لا يُضرب شبيهه من وجوه أبنائه، غير أنه ذكر بعد أن طول سيدنا آدم ستون ذراعاً فهل يقول المشبهة أن الله – والعياذ بالله – طوله ستون ذراعاً؟!!
فائدة:
في الحديث ( لعن الله المصورين ) وقد ذهب قوم في هذا الزمان إلى أن المراد يدخل فيه التصوير الفوتوغرافي!!
والحق ليس كذلك؛ لأن التصوير الفوتوغرافي ليس تصويراً وفق اللغة والشرع، وإنما المراد بالنهي الذين تصوروا الإله بأذهانهم وصوَّروه في مكانٍ أكان في السماء أم في الأرض والعياذ بالله، وعليه فلا يجوز أن أفهم نص ( خلق الله آدم على صورته ) على ما يوقع في مخالفة نزاهة الله ولعْن الله للمصورين.
الله المصوِّر وليس المصوَّر، فلننتبه لذلك.