السؤال:
ما حكم الأخذ من الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي؟
الجواب:
هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، وقد لخص الخلافَ الإمامُ النوويُّ رحمه الله تعالى بقوله :”وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَرَبِيعَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَبَعْضُ أصحاب الشافعي: أنه يحرم عليه أخذ شيء مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تنزيه وليس بحرام، وقال أبو حنيفة: لا يكره، وقال: مالك في رواية: لا يكره، وَفِي رِوَايَةٍ: يُكْرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ: يَحْرُمُ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ..”[شرح مسلم 13 /138]
واستدل من قال بالتحريم: بقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يمس من شعره وبشره شيئاً) قِيلَ لِسُفْيَانَ: فَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَرْفَعُهُ، قَالَ: «لَكِنِّي أَرْفَعُهُ» [أخرجه مسلم برقم:1977]
إلا أن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أنكرت ذلك فقد جاء في البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَجُلًا يَبْعَثُ بِالهَدْيِ إِلَى الكَعْبَةِ وَيَجْلِسُ فِي المِصْرِ، فَيُوصِي أَنْ تُقَلَّدَ بَدَنَتُهُ، فَلاَ يَزَالُ مِنْ ذَلِكِ اليَوْمِ مُحْرِمًا حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ، قَالَ: فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ «كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ» فما حَرُم عليه شيءٌ كان أُحِلَّ له»، وفي رواية: «ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المُحْرِم».
والشاهد في قولها رضي الله تعالى عنها:” فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ”
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْبَعْثُ بِالْهَدْيِ أَكْثَرُ مِنْ إِرَادَةِ التَّضْحِيَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لا يحرم ذَلِكَ ”
وحكم الداودي وغيره: بأن أحاديث النهي منسوخة بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي أفقه وأعلم ممن رواها.
[انظر فتح الباري 10/ 23]
على أن بعض المحدثين قد حكى اضطراباً في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها كالدارقطني رحمه الله في العلل وغيره..
ولهذا أخذ الجمهور بدلالة حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: فهو أسند وهي أفقه رضي الله تعالى عنها، وإن اختار بعضهم: القولَ بالكراهة جمعاً بين الأحاديث، .
تنبيه:
جمع بعض أهل العلم بين الحديثين الشريفين: بأن حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها خاص بالحاج الذي يريد أن يضحي.
والله تعالى أعلم
ماشاء الله جزاك الله عنا كل خير