يقول القاضي أبو بكر الباقلاني رحمه الله تعالى (تـ403هـ) في مسألة كسب العبد: «….ويجب أن يُعلم:أن العبد له كسب، وليس مجبوراً، بل مكتسب لأفعاله من طاعة ومعصية، لأنه تعالى قال: ﴿لها ما كسبت﴾[سورة البقرة آية 285]، يعني من ثواب طاعة ﴿وعليها ما اكتسبت﴾[سورة البقرة آية 285]، يعني من عقاب معصية، وقوله: ﴿بما كسبت أيدي الناس﴾[سورة الروم آية 40]، وقوله: ﴿وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم﴾[سورة الشورى آية 28]، وقوله: ﴿ولو يؤاخذ اللّه الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى، فإذا جاء أجلهم، فإن اللّه كان بعباده بصيراً﴾[سورة فاطر آية 46].
ويدل على صحة هذا أيضاً: أن العاقل منها يفرق بين تحرك يده جبراً وسائر بدنه عند وقوع الحمى به، أو الارتعاش، وبين أن يحرك هو عضواً من أعضائه قاصداً إلى ذلك باختياره، فأفعال العباد هي كسب لهم، وهي خلق الله تعالى، فما يتصف به الحق لا يتصف به الخلق، وما يتصف به الخلق لا يتصف به الحق، وكما لا يقال لله تعالى إنه مكتسب، كذلك لا يقال للعبد إنه خالق».[الإنصاف للباقلاني/المكتبة الأزهرية للتراث، ط2000م(ص: 43)].