السؤال:
ما الحكم فيما إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، لأنني سمعت أن العيد يجزئ عن الجمعة؟
أبو محمد البيشي
الجواب:
إذا اجتمع العيد والجمعة فللعلماء في هذه المسألة قولان على وجه الإجمال:
القول الأول:أن العيد لا يجزئ عن الجمعة لأن العيد سنة مؤكدة والجمعة فرض، ولا يسقط الفرض بالسنة وهو مذهب الحنفية والمالكيةوالشافعية كما هو مقرر فيما يلي:
الحنفية:
قال العيني الحنفي رحمه الله تعالى: قوله:(ولا يترك بواحد منهما)أي من العيد والجمعة، أما الجمعة فلأنها فريضة، وأما العيد فلأن تركها بدعة وضلال-لأن صلاة العيد واجبة عند الحنفية-… قوله- وإنما مجمعون – دليل على أن تركها لا يجوز، وإنما أطلق لهم رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وخيرهم عثمان، لأنهم كانوا أهل أبعد قرى المدينة، وإذا رجع أهل القرى قبل صلاة الجمعة لا بأس به”أ.هـ [البناية شرح الهداية 3/ 97]
المالكية:
(أوشهود عيد) “يعني أنه إذا وافق العيد يوم جمعة فلا يباح لمن شهد العيد داخل البلد، أو خارجه التخلف عن الجمعة (وإن أذن) له (الإمام) في التخلف على المشهور إذ ليس حقاً له”.اهـ[شرح مختصر خليل للخرشي 2/ 93].
الشافعية:
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:”قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا وُجُوبُ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ وَسُقُوطُهَا عَنْ أَهْلِ الْقُرَى وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ”أ.هـ [المجموع 4/ 491]
القول الثاني: تسقط الجمعة لمن صلى العيد إلا الإمامَ أو من ينيبُه عنه، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى قال البهوتِيُّ الحنبَليُّ رحمه الله: (وإذا وقع عيد في يومِها – أي: الجمعة – سقَطت – أي: الجمعة – عمَّن حضَره – أي: العيد – مع الإمام في ذلك اليوم، وأما مَن لم يُصلِّ العيد أو صلَّاه بعد الإمام فيلزمه حضور الجمعة، فإن اجتمَع العدد المُعتبَر أقيمتْ، وإلا صلُّوا ظهرًا لتحقُّق عُذرِهم إلا الإمام فلا يَسقُط عنه حضور الجمعة)[10].
تنبيه:
على القول بسقوط صلاة الجمعة فإن الظهر لازمه ولم يحفظ القول بسقوط الظهر كما يذكره بعض المتأخرين فلا يجوز تركها بحال.
والصحيح والعلم عند الله تعالى: أن الجمعة لا تسقط بحال لمن صلى العيد إلا لمن كان من أهل الأعذار وهو مذهب الجمهور. والأحاديث الواردة بالترخيص كانت لأهل العوالي؛ إذ لا تلزم الجمعة في حقهم كما بيّنه سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه بقوله:”فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ» [صحيح البخاري 7/ 103].